كنى الإمام الحسين عليه السلام
عرفت إنه كنى الإمام وألقابه من أرقى التعاليم الشريفة والكريمة التي نتعلمها من ذكر الإمام الحسين عليه السلام وألقابه وكناه ، وبها يتم التذكر والرجوع لتعاليم الدين ومن ثم التفكر بها والتحقق بمعناه الشريف ، فإن الإمام الحسين عليه السلام ما ذكره أحد إلا وناداه يا أبا عبد الله ، ليعلمنا إن إطاعته عليه السلام والإقتداء به هي الموصلة لمعرفة الله تعالى وحقيقة تعاليمه ودينه وهداه ، ومن ثم إقامة العبودية المفروضة الصحيحة له تعالى .
أو ينادي المؤمن الحسين عليه السلام يا أبا المساكين ، وكلنا مساكين للحسين عليه السلام نحتاج لهداه والإقتداء والتأسي به لتعلم معالم الدين ، ونخلص أنفسنا من المسكنة في المادة أو الخنوع لظلم الظالمين والمتعدين وأئمة الكفر والخضوع لضلالهم ولشهواتهم ، والارتفاع عن هوى النفس والانتكاس في الفسق والفجور وعصيان رب العالمين .
فمن الإمام الحسين عليه السلام نتعلم الانتفاض لتعلم معارف الدين ودروس العز والكرمة والسير في هداه ، ولننتقل من نداء الحسين بأبي المساكين إلى معرفة شريفة ، وهي أن نكون من الساكنين والمتمسكنين في المعارف الإلهية والعلوم الربانية الفاضلة الكريمة والمتمسكين به وبآله أئمة الحق للوصول إليها .
وقد ذكر الحر العاملي رحمه الله في الوسائل في الجزء 21في صفحة 397 في باب 27 أحاديث :
في استحباب وضع الكنية للولد في صغره ، ووضع الكبير الكنية لنفسه وان لم يكن له ولد ، وأن يكنى الرجل باسم ولده .
، كما ذكر في الباب 29 كراهة كون الكنية : أبا مرة أو أبا عيسى أو أبا الحكم أو أبا مالك أو القاسم اذا كان الاسم محمد ، وذكر في الباب30 كراهة ذكر اللقب والكنية اللذين يكرههما صاحبهما أو يحتمل كراهته لهما .
وهذه من سنن التعاليم الإسلامية ومعارف أهل البيت عليهم السلام ، ولذا ترى لهم كنى وألقاب جميلة تعلمنا الاقتداء بهم في التسمية وذكر الكنية للطيبين من أتباعهم وأولياءهم ، وهذه من المسائل الفقهية والآداب الدينية التي شرفونا بها وكرمونا بمعرفتها والتحقق بها ، ويجدها من يحب المعرفة الواسعة الرجوع لها في الرسائل العملية للمجتهدين وأحاديث المعصومين عليهم السلام .
والكنية هي من الأسماء ينادى بها الإنسان باسم الابن أو البنت له على نحو الحقيقة أو التقدير والفرض ، أو كنية تأتيه من عمل له شريف وفاضل قام به ، وغير أهل البيت لهم كنى مثل أبو جهل أو أبو مرة أو أبو معاوية ـ جروا ـ وغيرها أبعدن الله منهم ، وللسنة الحسنة التي دعت لها تعالم الدين اعتاد المؤمنون عندنا في العراق أن يكنوا :
مَن اسمه علي : ينادى أبو حسين ، لكون الإمام علي والحسين عليهم السلام في العراق لهم مراقد في قلوب المؤمنين ، يزورها ويجددون العهد معهم وعقد العزم على الإقتداء بهم والسير على صراطهم الموصل لله وطاعته كلما سنحت الفرصة وغنمت ، كما أن بعض البلاد يكنون من كان اسمه علي بأبي حسن أو أبو الحسنيين ، وإما في ذكر أحاديثه فيقال مثلاً قال أمير المؤمنين وهو لقبه الخاص أو يقال : أبو الحسن وهذا الغالب في ندائه بالكنية عليه السلام.
وإما من كان اسمه حسين فإن يكنى : أبو علي ، لكون الإمام الحسين عليه السلام ثلاثة من ولده اسمهم علي ، علي الأكبر وعلي الأصغر استشهدا معه في يوم الفاجعة الكبرى في كربلاء ، وعلي الأوسط هو أمام الحق الرابع علي بن الحسين السجاد عليه السلام ، وفي كنيته عليه السلام إشارة وتعليم لمعنى العلو والمجد والعزة والكرامة والفضيلة والشرف والسعادة والخير ، وهكذا نتكنى ونتلقب بألقاب آل الحسين الكرام صادق وكاظم وجواد وهادي ومنتظر وغيرهن .
فالإمام الحسين بل وآله الكرام قدوة لنا وأسوة في اسمهم وكنيتهم ولقبهم وكل ما يوصلنا لسلوك هدى الله وتعاليمه ، كما إن اسم الحسين عليه السلام ولقبه وكنيته فيها معاني شريفة لتعاليم المؤمنين السنة الحسنة من المفروض فيها باستحباب التكني بالأسماء الحسنة والجميلة ، وجعل كنية للابن قبل زواجه فضلاً عن تسمي الإنسان ونداءه بأسماء أطفاله ، ولا يقتصر التكني بكنى الحسين عليه السلام كما عرفت .
إذ يمكن من الإمام الحسين عليه السلام الانتقال للتكني والتعلم من كل آله الكرام آل البيت النبوي الطاهر ، ومن خواص صحبهم الكرام أو الأسماء الجميلة التي تدل على الكرامة والشرف والعز والخير والفضيلة ، والتي فيها تعاليم الدين ، ولكل منها جماله ولا أجمل من كنى أهل البيت عليهم السلام ، وهذا مذكور في تعاليمهم الشريفة وأخلاقهم الكريمة .
وأما كنى الإمام الحسين عليه السلام حسب ما ذكر في الكتب فهي :
كنيته : أبو عبد الله ، وأبو الأئمة ، أبو المساكين .
وفي المناقب : وكنيته : أبو عبد الله ، والخاص أبو علي .
وفي كشف الغمة : قال كمال الدين بن طلحة : كنية الحسين عليه السلام أبو عبد الله لا غير . وقال ابن الخشاب : يكنى بأبي عبد الله .
بحار الأنوار ج39ب11ص237ح1 .
وفي الإرشاد : وكنية الحسين : أبو عبد الله . الإرشادج2ص27.
أقول : ويكنى الإمام الحسين عليه السلام عند بعض الثوار الطيبين والمؤمنين بكنى إما جاءت في أحاديثه الشريفة أو في معنى متجدد مستفاد من ثورته وتضحيته عليه السلام وهي مثل : أبو الأحرار ، لحديثه يوم عاشوراء كونوا أحرار في دنياكم ، أبو الثوار لكون من يقتدي بثورته يكون مصلح وتابع له في طلب إقامة الحق والهدى والعدل والخير والفضيلة والعز . وهكذا مثل أبو المؤمنين ، أبو المصلحين ، أبو المجاهدين ، أبو المعصومين .